فصل: سنة إحدى وخمسين وسبعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **


 سنة إحدى وخمسين وسبعمائة

أهل المحرم والناس في بلاد عظيم من فأر السقوف ضامن الجهات فإنه أحدث حوادث قبيحة

في دار البطيخ ودار السمك وسائر المعاملات وزاد في ضرائب المكوس وتمكن من الوزير منجك تمكنًا زائداً حتى كان يقول‏:‏ ‏"‏ هذا أخي ‏"‏ وكثرت الشكاية منه ووقفت العامة فيه للسلطان فلم يتغير الوزير عليه وفيه أوقع الأمير أرغون الكاملي نائب حلب بكاتب سرها زين الدين عمر بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن أبي السفاح وضربه وسجنه‏.‏

فاستقر عوضه فيكتابة السر بحلب الشريف شهاب الدين الحسين بن محمد بن الحسين المعروف بابن قاضي العسكر‏.‏

وفيه أوقع الشيخ حسن نائب بغداد والأمير حيار بن مهنا بطائفة من العرب وقتل منهم نحو المائتين وأسر كثيراً منهم ففر عدة منهم إلى الرحبة‏.‏

فطلب الأمير حيار من أزدمر النوري نائب الرحبة تمكينه منهم فأبى عليه فكتب فيه الأمير حيار إلى السلطان فعزله وفيه اقتتل موسى بن مهنا وسيف بن فضل فانهزم سيف ونهبت أمواله

وفيه ابتدأت الوحشة بين الأمير مغلطاي أمير آخور وبين الوزير منحك بسبب الفار الضامن وقد شكى منه‏.‏

فطلبه مغلطاي من الوزير عندما احتمى به فلم يمكنه منه وفيه قدم صاحب حصن كيفا والخواجا عمر بن مسافر بعد غيبة طويلة‏.‏

فسر به الأمير شيخو لأنه هو الذي جلبه من بلاده ونسب إليه فقيل له شيخو العمري‏.‏

وأكرم صاحب حصن كيفا وروعي في متجره وكان من جملته ثلاثمائة ألف جلد سنجاب‏.‏

فقدم صاحب حصن كيفا عدة تقادم للأمراء فبعثوا إليه‏.‏

بمال كثير و بعث إليه الأمير شيخو ألف دينار وتعبئة قماش وبعث إليه الوزير منجم بألفي دينار وقماش كثير وأنزله في بيته وبعث إليه الأمير بيبغا روس وغيره ثم عاد بعد شهر إلى بلاده‏.‏

وفيه كمل صهريج الوزير منجك على الثغرة تحت القلعة واشترى له من بيت المال ناحية بلقينة من الغربية بخمسة وعشرين ألف دينار أنعم عليه بها ووقفها على صهريجه‏.‏

وكانت بلقينة مرصدة لجوامك الحاشية فعوضوا عنها‏.‏

وفي رابع عشريه‏:‏ قدم الأمير فارس الدين بالحجاج وكانوا لما قدموا مكة نزلت ربهم شدة من غلاء الأسعاء وقلة الماء بحيث أبيعت الراوية بعشرين درهما حتى هموا بالخروج منها ونزول بطن مرو‏.‏

فبعث الله في تلك الليلة مطرا استمر يومين وليلة حتى امتلأت الآبار والبرك وقدم عدة قوافل فانحل السعر قليلا‏.‏

وحصل لهم خود من عبور المدينة النبوية وذلك أن الشريف أدى لما عزل بالشريف سعد جمع العربان وهجم المدينة قبل قدوم سعد إليها وأخذ أموال الخدام وودائع الشاميين وقناديل الحجرة الشريفة وأموال الأغنياء وغيرهم وخرج‏.‏

وفيه أفرج عن عيسى بن حسن الهجان وكان قد قبض عليه وسجن بسبب أنه مالا هو

وعربه جماعة العايد المفسدين من العربان وأحيط بأمواله‏.‏

وكان فد كثرت سعادته فإنه كان مع الناصر محمد بن قلاوون في الكرك فلما عاد إليه ملكه سلمه الهجن وحكمه فيها فطالت أيامه وكثرت أمواله‏.‏

وتسلم بعده الهجن جمال الدين نفر فقام الوزير حتى أفرج عنه ورد عليه إقطاعه وأنعم على جماعة من عربه بإقطاعات‏.‏

وفي مستهل صفر‏:‏ قدمت رسل أرتنا نائب الروم وسأل أن يكتب له تقليد نيابة الروم على عادته فكتب له وأكرم رسوله‏.‏

وفيه تنافس الوزير منجك والأمير مغلطاي واستعد كل منهما بأصحابه للآخر فقام الأمير شيخو حتى أخمد الفتنة‏.‏

وفي يوم الجمعة ثاني عشريه‏:‏ وقت الصلاة وقعت نار بخط البندقانيين من القاهرة فأحرقت دار هناك‏.‏

فركب الأمير علاء الدين علي بن الكوراني لإطفائها على العادة وكان الهواء شديداً والدور متلاصقة فاشتد لهب النار بحيث رؤى من القلعة‏.‏

فركب الوزير منجك والأمير بيبغا روس النائب والأمير شيخو والأمير طاز والأمير مغلطاى والأمير قبلاى حاجب الحجاب وغيرهم من الأمراء بمماليكهم وأتوا إلى الحريق ونزلوا عن خيولهم ومنعوا العامة من النهب فامتدت النار من دكاكين البندقانيين إلى دكاكين الرسامين ودكاكين الفقاعين والفندق المجاور

لها والربع علوة‏.‏وتعلقت‏.‏

بما نجاه ذلك من الدور المجاورة لبيت المظفر بيبرس الجاشنكير فأحرقت الربع واتصلت بزقاق الكنيسة إلى بيت كريم الدين بن الصاحب أمين الدين إلى بير الدلاء التي كانت تعرف قديما ببئر زويلة فأحرقت النار الدكاكين والربع المجاور لدار الجوكندار ولم يبق إلا أن تصل إلى دار علاء الدين على بن فضل الله كاتب السر وعظم الأمر والأمراء جميعهم على أرجلهم‏.‏

بمن معهم والمقيدون بالمساحي بين أيديهم تهدم الدور وتطفي النار والناس في أمر مريج‏.‏

وبينا أصحاب الدار في نقلة متاعهم خوفا من وصول النار إليهم إذا بالنار قد ظهرت عندهم فينجون بأنفسهم ويتركون أموالهم حتى شمل الهدم والحريق ما هنالك من العمائر‏.‏

ولم يبق بالقاهرة سقاء إلا وأحضر لإطفاء الحريق وكانت الجمال تحمل الروايا بالماء من باب زويلة إلى البندقانيين‏.‏

واستمرت النار يومين وليلتين وجميع الأمراء وقوف حتى خف اللهب‏.‏

فوكل بالحريق بعض الأمراء مع الوالي ومضى بقيتهم إلى بيوتهم وبهم من التعب ما لا يوصف‏.‏

فأقامت النار بعد انصرافهم ثلاثة أيام وهي تطفا فكان حريقا مهولا ذهب فيه من الأموال ما لا ينحصر‏.‏

وامتد الحريق إلى قيسارية طشتمر وربع بكتمر ثم صارت النار توجد بعد ذلك في مواضع

عديدة من القاهرة وظواهرها‏.‏

ووجد في بعض المواضع التي بها الحريق كعكات زيت ومطران ووجد في بعضها نشابة في وسطها نفط‏.‏

وكان أكثر الأماكن تقع النار بسطحها و لم يعرف من فعل ذلك فنودي باحتراس الناس على أملاكهم من الحريق فلم يبق جليل ولا حقير حتى اتخذ عنده أوعية ملأها ماء‏.‏

و لم يزل الحريق في الأماكن إلى أثناء شهر ربيع الأول فقبض في هذه المدة على كثير من أوباش العامة وقيدوا ليكونوا عونا على إطفاء الحريق ففر معظمهم من القاهرة‏.‏

ثم نودي ألا يقيم بالقاهرة غريب ورسم للخفراء تتبعهم وإحضارهم‏.‏

وتعب والي القاهرة في مدة الحريق تعباً لا يوصف فإنه أقام مدة شهر لا يكاد ينام هو وحفدته فإنه لا يخلو وقت من صيحة تقع بسبب الحريق فذهبت دور كثيرة‏.‏

ثم وقع بعد شهر‏.‏

بمصر حريق في شونة حلفاء بجوار مطابخ السلطان وبعدة أماكن‏.‏

وفي يوم السبت حادي عشرى ربيع الأول‏:‏ سمر حمام وعبده الذي كان يحمل سلاحه وثلاثة نفر‏.‏

وكان قد عظم فساده وكثر هجومه على الدور وأخذ ما فيها وقتل من يمنعه وأعيا الولاة أمره حتى أوقعه الله وكفى شره‏.‏

وفي أول ربيع الآخر‏:‏ قبض على أحمد بن أبي ريد ومحمد بن يوسف مقدمي الدولة‏.‏

وسبب ذلك أن ابن يوسف حج في السنة الماضية على ستة قطر جمال وثلاثة قطر هجن بطبل وبيزه كما حج الأمراء بحيث كان معه نحو مائتي عليقة‏.‏

ولما قدم ابن يوسف إلى القاهرة أهدى للوزير منجك والنائب بيبغا روس والأمير طاز والأمير صرغتمش الهدايا الجليلة القدر و لم يهد إلى الأمير شيخو ولا إلى الأمير مغلطاي شيئا‏.‏

فعاب عليه الناس ترك مهاداة شيخو فحمل إليه بعد مدة هدية سنية فردها عليه وقال‏:‏ ‏"‏ هذا ماله حرام ‏"‏‏.‏

ثم يعد أيام وقف جماعة من الأجناد وشكوا في الولاة طمعهم وفساد البلاد فأنكر الأمراء على الوزير منج سيرة ولاة الأعمال وتعرضوا لهم بأنهم ولوا بالبر أطيل فاحتاجوا إلى نهب أموال الناس وأخذ الأمير شيخو في الحط على مقدمي الدولة وأنكر كثرة ما أنفقه ابن يوسف في حجته وأن ذلك جميعه من مال السلطان فقام الأمراء في مساعدة شيخو وعددوا ما يشتمل عليه ابن يوسف من لعبه ولهوه وانهماكه في اللذات فلم يجد الوزير بدا من موافقتهم على عزل الولاة ومسك المقدمين أحمد بن أبي زيد ومحمد بن يوسف فقبض عليهما وألزما بحمل المال وطلب ابن سلمان متولي المنوفية وألزم‏.‏

بمال واستقر عوضه ابن فنغلي واستقر في ولاية الشرقية ابن الجاكي وعزل أسندمر منها‏.‏

وفي يوم الخميس رابع عشريه‏:‏ خرج إلى الأطفيحية سبعة أمراء ألوف وعشرون أمير طبلخاناه وقت العصر بأطلابهم فيهم الوزير منجك والأمير طاز وسبب ذلك أن الأمير بيبغا روس فأمر بهم فقيدوا وحبسوا وأعاده النائب إلى الأطفيحية فقبض الأمير‏.‏

عرب بن الشيخي كان بالإطفيحية مقيماً بها فاستمال العرب حتى وثقوا به وأتاه منهم نحو عشرين رجلا فقبض عليهم وركب بهم إلى القاهرة وأوقفهم بين يدي النائب الأمير عرب بن الشيخي على خمسة أخر وقيدهم فأتاهم ليلا عدة من العربان وفكوا قيودهم وكبسوا خيمته ففر إلى القاهرة ومالوا على موجوده وانتهبوه‏.‏

فعظم ذلك على الأمراء وخرجوا إلى الأطفيحية‏.‏

وقد بلغ العرب خبرهم فارتفعوا إلى الجبال فقبض الأمراء على نحو مائة من الأوباش وأهل البلاد وقطعوا جميع ما هناك من شجر المغل وخربوا السواقي وعادوا بعد ثلاثة أيام في يوم الثلاثاء تاسع عشريه‏.‏

فعادت العربان بعد رجوع العسكر وأكثروا من قطع الطريق‏.‏

وفي نصف جمادى الأولى‏:‏ وصلت أم الأمير بيبغا روس النائب وأم الأمير أرغون الكاملي نائب حلب وأبوه وعدة من أقاربهم‏.‏

فركب النائب وتلقاهم من سرياقوس وسر بهم‏.‏

وفيه أخرج أمير أحمد الساقي إلى حلب لسوء سيرته في كشف الجسور بالغربية‏.‏

وفيه قدم قود جبار بن مهنا وقود سيف بن فضل صحبته‏.‏

ثم قدم الأمير جبار بعده فأقام أياما وعاد إلى بلاده‏.‏

وفيه قدم كتاب الملك الأشرف دمرداش بن جوبان صاحب توريز يتضمن السلام والتودد‏.‏

فأكرم رسوله وأعيد بالجواب وأرسل السلطان بعده إليه والي الشيخ حسن صاحب بغداد

وفيه قدم الخبر بان الأمير أرغون الكاملي نائب حلب ركب إلى التركمان وقد كثر فسادهم فقبض على كثير منهم وأتلفهم وأوقع بالعرب حتى عظمت مهابته ثم بعث موسى الحاجب على ألفي فارس في طلب نجمة أمير الأكراد فلما قرب منه بعث صاحب ماردين يشير بعود العسكر خوفاً من كسر حرمة السلطة‏.‏

فعاد موسى الحاجب بهم إلى حلب من غير لقاء‏.‏

فتنكر الأمير أرغون على موسى الحاجب وكتب يشكو منه وفيه قدم الخبر بأن الهذباني الكاشف واقع عرب عرك وبني هلال فهزموه أقبح هزيمة وجرحوا فرسه وقتلوا عدة من أصحابه وأخذوا الطلب‏.‏

بما فيه من خيل وغيرها وأنه نزل بسيوط وطلب تجريد العسكر إليه فاقتضى الرأي تأخير التجريدة حتى يفرغ تأخير الأراضي بالزرع‏.‏